شعر: عدنان الصائغ
أنينُ القطارِ يثيرُ شجنَ
الأنفاقْ
هادراً على سِكَّةِ الذكرياتِ
الطويلة
وأنا مُسمَّرٌ إلى النافذةِ
بنصفِ قلب
تاركاً نصفَهُ الآخرَ على
الطاولة
يلعبُ البوكرَ مع فتاةٍ حسيرةِ
الفخذين
تسألُني بألمٍ وذهول
لماذا أصابعي مُتهرِّئة
كخشبِ التوابيتِ المُستَهلَكَة
وعجولة كأَنَّها تخشى ألّا تُمسِك
شيئاً
فأُحدِّثُها عن الوطن
واللافتاتِ
والاستعمار
وأمجادِ
الأُمّة
والمضاجعاتِ الأولى في المراحيض
فتميلُ بشَعرِها النثيثِ على
دموعي ولا تفهم
وفي الرُكْنِ الآخرِ
ينثُرُ موزارت
توقيعاتِهِ على السهوبِ
المُغطَّاة بالثلج...
وطني حزينٌ أكثر مِمَّا يجب
وأُغنياتي جامحةٌ وشرسة وخجولة
سأتمدَّدُ على أولِ رصيفٍ أراهُ
في أوربا
رافعاً ساقيَّ أمام المارّةِ
لأُرِيهم فلقاتِ المدارسِ
والمعتقلاتِ
التي أَوْصَلَتني إلى هنا
ليس ما أَحمِلُهُ في جيوبي جوازُ
سفر
وإنَّما تاريخُ قهر
حيث خمسون عاماً ونحن نجترُّ
العلفَ
والخطاباتِ....
.. وسجائرَ
اللفِّ
حيث نقفُ أمام المشانق
نتطلَّعُ إلى جثثِنا الملولحة
ونُصفِّقُ للحكّام
.. خوفاً على ملفَّاتِ أهلِنا
المحفوظةِ في أقبيةِ الأمن
حيث الوطن
يبدأُ من خطابِ الرئيس
.. وينتهي بخطابِ الرئيس
مروراً بشوارعِ الرئيس، وأغاني
الرئيس، ومتاحفِ الرئيس، ومكارمِ الرئيس، وأشجارِ الرئيس، ومعاملِ الرئيس، وصحفِ
الرئيس، وإسطبلِ الرئيس، وغيومِ الرئيس، ومعسكراتِ الرئيس، وتماثيل الرئيس، وأفرانِ
الرئيس، وأنواطِ الرئيس، ومحظياتِ الرئيس، ومدارس الرئيس، ومزارع الرئيس،
وطقسِ الرئيس، وتوجيهاتِ
الرئيس....
ستُحدِّقُ طويلاً
في عينيَّ المبتلَّتين بالمطرِ
والبصاق
وتسألُني من أيِّ بلادٍ أنا...
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) من ديوان "تأبط منفى"؛ عدنان الصائغ – ط1 السويد 2001 / .
Impresionante !
ResponderEliminarGracias Anamaria!
Eliminar